البيان الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
العهد وصدق الوعد من كلاب الكريم الرب
قال تعالي: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(7 الأحزاب)
قبل خلق آدم من طين أخذ الله عهده وميثاقه علي الأنبياء وهم أرواح وقبل خلق اجسادهم.
فجمع اولي العزم من الرسل وعلي راسهم الحبيب بقوله تعالي ومنك ومن نوح وابراهيم وموسي
وعيسي واخذنا منهم ميثاقا غليظا؛ ذلك العهد الأول في الوجود ما بين الرب وأنبياؤه أولي العزم
ثم قال تعالي: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81 ال عمران).
فأجمل الله ميثاق النبيين جميعهم لتؤمنن به أي برسوله محمد صلوات ربي وسلامه عليه ولتنصرنه فأقروا وأخذوا علي ذلك ‘صر ربهم فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين
وذلك العهد والميثاق الثاني في عالم الأرواح بين الرب والأنبياء بالإيمان والنصرة لحبيبه المصطفي حال بعثه.
ثم قال تعالي: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172) أو تقولوا إنما أشرك أباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون(173) وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون (174الأعراف).
ثم أخذ الله الميثاق علي بني أدم من ظهورهم ذريتهم في عالم الأرواح وقبل خلق أدم عليه السلام
فشهدوا بين يدي ربهم وذلك العهد والميثاق الثالث؛ بين الله وجميع ذرية آدم.
لقد انار الله ذرية آدم بعهده وشهادتهم علي أنفسهم بصدق عهده فأشهدهم علي أنفسهم فهم خير خلقه ولا احد يشهد عليهم سواهم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين- أونتخلص ونتملص ولا نصدق مع ربنا فنقول أشرك أباؤنا من قبل أفتهلكنا بما فعل المبطلون، فبين وفصل الآيات حتي نرجع لصدق عهدنا مع ربنا .
(115 طه). قال تعالي: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا
ثم خلق الله آدم وعاهده من قبل فنسي أبونا آدم عهده فلم نجد له عزم فأكل من الشجرة فتاب فتاب الله عليه ليعلمنا في تذكر العبد العهد وتجديده مع الرب ينال العزم الذي يجتاز به كل الأبتلاءات والعقبات ويكون صادقا مع ربه حافظه بمحافظته عهده.
ميثاق وعهد بني إسرائيل:
ثم قال تعالي: لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل وارسلنا اليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون(70 المائده)
قال تعالي: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(13 المائده).
أخذ الله ميثاق بني إسرائيل علي يد موسي والنبيين من قبل فنقضوا ميثاقهم مع ربهم فلعنهم
- وجعل قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه وتلك مكونات الضلالة فضلوا وأضلوا ونسوا حظا مما ذكروا به
- ميثاق وعهد النصاري:
قال تعالي: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(14 المائده).
ثم أخذ الله ميثاق الذين قالوا إنا نصاري فنسوا حظا مما ذكروابه
فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الي يوم القيامة
وتلك ناتج عدم وفاء العهد
قال تعالي: وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين(102 الأعراف).
ميثاق وعهد المسلمين المؤمنين:
: قال تعالي: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْـزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبً (18 الفتح).ا
ثم رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك قبل بيعتهم لتكريم أمتك ياحبيبي تحت الشجرة المباركة
فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ناتج صدقهم عهدهم واثابهم فتحا قريبا- فلم ينقضوا عهدهم وأفوا ووفوا ونال الفتح المبين من رب العالمين.
قال تعالي: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10 الفتح).
وتبين الآيات البيعة والفاء بالعهد للمؤمنين فاز من الله فسيؤتيه الله أجرا عظيما.
ميثاق وعهد المسلمات المؤمنات.
قال تعالي: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(122 الممتحنه).
وتلك بيعة النساء بما وردت في الآيات
قال تعالي: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35 الأحزاب).
الحمد لله الذي أنعم علينا بنوالنا عهده ونتمني من الله أن يرزقنا الوفاء والصدق فيه حتي ناتي يوم القيامة مجددين بيعتنا معه بصدق عهدة وندعوا لمن لم ينال ذلك التوفيق فلا إيمان لمن لا عهد له ولا شفاعة له.
قال تعالي: لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا(87 مريم).
قال تعالي: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا(78 مريم).
تلك نصيحتي أهديها لكل بني جنسي لعل الله أن يهدينا طريقه القويم ودينه السمح المبين ورسله الهادين الشافعين, والله الهادي الي طريقه المستقيم