بسم الله الحنان صاحب الفضل والإحسان يصطفي من خلقه ماأظهره فظهر علي يديه البيان، فأنبأء آدم الملائكة أسمائهم بما علمه ربه دون خلقه, والصلاة والسلام علي سيدنا محمد المصطفي من ربه،وعلي آله المطهرين من فيضه وصحابته من أختارهم له رب العالمين أجمعين الي يوم الدين أما بعد:
عجزت عن الشكر فيما أوجدتم لنا مكانا في صدوركم وذلك من فيض حبكم جعلنا الله عند حسن ظنكم رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
أرجوا أن أضيف فكل ماكتب ويكتب والصروف بالكتب عن التصوف فكلها تعبيرات عصرها وشعور أهلها ورؤية علي قدرها لكن:أردت أن ألفت الأنظار كسابق الكلام عن التصوف فهو من الله إصطفاء واختيار وليس علم أو تجربة شخصية، فلو سألت أي متصوف ولو بسيط الحال لمذا تصوفت؟ لقال: لقد رأيت وتبينت ولذلك سرت وعاهدت وارتبطت وهذا من الإصطفاء .
قال تعالي: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير(32 فاطر).أصطفي الله بعض عباده ثم أورثهم الكتاب وهو عهده وكتابه بينه وبين عبده ليصدق فيما عاهده عليه سابق عهده لما عاهده من قبل في عالم الأرواح قبل خلق الأجساد.
قال تعالي: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم الست بربكم قالوا بلي شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين(172 الأعراف).
فمنهم ظالم لنفسه ناتج ذهده وصدقه في عهده وتنزيه حبه فحارب نفسه وحرمها وأثقل عليها فظلمها خوفا من فجورها حتي قتلها فحرم الهام تقواها فظلم نفسه،
ومنهم مقتصد في أمره مع نفسه طاعة لربه حبيبه فساسها فسلمها لربها فسلمته لربه وسلم من فجورها وأخذ فضل تقواها فسخرها لقربه من ربه فكانت مطيته حال سيره،فشاركته حال القرب والتجلي عطاءات مولاها فزكاها وصارت مطمئنة فرجعت راضية مرضية لربها صافية من الأكدار نقية.
والأخير سابق بالخيرات بتقوي نفسه فهو متجاوز بها العقبات واستفاد من كل شيء اعطاه إياه ربه فنفسه تاقت لربها شوقا فتحلت ليقربها من حبيبها فسبقت بالخيرات بإذن ربها فكان له سبق دون غيره فكان من السابقين وسبقت له الحسني منا أولئك المقربين.وهو الفضل الكبير, ولا أطيل في هذا المقام ذلك رمز لمن أراد اللحظ وسار علي الدرب كاالرؤيا للعبد فهي رمز لمن حدثه ربه بالسر وفهم حديثه دون البشر فخصه ربه بسر بينه وحبيبه دون البشر.
وقال تعالي:
قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي(40النمل)
قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فنقل عرش بلقيس فكان التنفيذ بالقدرة لا بالأسباب فهم واقفين بعلم من الكتاب علي صدق المبلغ لهم وكذلك صدق عهدهم مع ربهم فكل المقالات ليست في عصرنا وإلا ماكان لنا أن نتتلمذ ونتربي علي يد العارفين بعصرنا وتفتح لنا الأبواب بفتحه القريب- كذلك الفقه في الدين وهو دلالات عطاء رب العالمين للسابقين واللاحقين وهذه كلها معارف وعلوم أما الصوفية اصطفاء من رب العباد للأحباب وارثين الكتاب وهو العهد والميثاق كتاب الرب قال تعالي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما(10 الفتح).
الحمد لله الذي أضاء الوجود بالعارفين فهم مصابيح رب العالمين كنجوم السماء نراها رؤيا العين وكذلك تراهم الملائكة فتتزود بنورهم وتتوق مجالسهم ويعرفنا الله عليهم لنوال عهدنا(كتابنا).